
أكد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أن ما تحقق من تقدم في المملكة خلال السنوات الأخيرة لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، هدفت إلى ترسيخ مقومات الدولة الحديثة وبناء اقتصاد متنوع قادر على مواجهة التحديات، بما في ذلك التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف.
جاء ذلك في خطاب العرش الذي ألقاه العاهل المغربي، مساء اليوم، بمناسبة الذكرى الـ25 لتربعه على العرش.
وأوضح الملك أن المغرب شهد خلال السنوات الأخيرة نهضة اقتصادية غير مسبوقة، تجلت في تضاعف الصادرات الصناعية منذ عام 2014، خصوصًا في القطاعات المرتبطة بـ"المهن العالمية للمغرب" مثل صناعة السيارات والطيران، والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية.
وأشار إلى أن المملكة نجحت في بناء اقتصاد تنافسي ومتنوع، يستند إلى نموذج تنموي جديد وإطار اقتصادي مستقر، مدعوم بشبكة متطورة من البنيات التحتية، ومؤسسات فعالة، ونظام تأمين قوي، مما يجعل المغرب "وجهة واعدة لجذب الاستثمارات وضمان استدامة المشاريع الكبرى".
تقدم اجتماعي وتحولات ديمغرافية
وعلى المستوى الاجتماعي، استعرض الملك محمد السادس أبرز نتائج الإحصاء العام للسكان لعام 2024، الذي أظهر تحسن مؤشرات التنمية البشرية وتراجع معدل الفقر من 11.8% في 2014 إلى 6.8% في 2024، مؤكدًا أن المغرب تجاوز هذا العام عتبة "التنمية البشرية العالية".
ورغم هذا التقدم، أقر الملك بوجود تفاوتات مجالية، خاصة في بعض المناطق القروية التي لا تزال تعاني من الفقر وضعف الخدمات الأساسية، مشددًا على ضرورة إحداث نقلة نوعية في تأهيل المجالات الترابية، ورفض فكرة "مغرب بسرعتين".
ودعا إلى اعتماد مقاربات تنموية مندمجة وشاملة، تضمن استفادة جميع المواطنين من ثمار التقدم، مشيرًا إلى أهمية إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية يركّز على التشغيل المحلي، وتحسين الخدمات، والتدبير المستدام للموارد المائية.
العلاقات الإقليمية وقضية الصحراء
وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، جدد العاهل المغربي تأكيده على موقف بلاده الداعي إلى حوار صريح وأخوي مع الجزائر، واصفًا الشعب الجزائري بـ"الشقيق"، ومشددًا على أن الاتحاد المغاربي لن يتحقق دون انخراط المغرب والجزائر معًا.
كما عبّر الملك عن اعتزازه بـ"الدعم الدولي المتزايد" لمبادرة الحكم الذاتي، معتبرًا إياها "الحل الوحيد لقضية الصحراء المغربية"، وموجهًا الشكر للمملكة المتحدة والبرتغال على مواقفهما الداعمة. وأكد التزام المغرب بالعمل على حل سياسي توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب.