
تشهد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تدهورًا غير مسبوق، وسط استمرار أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي أدت إلى تهجير عشرات الآلاف، وتصاعد القصف الذي أسفر عن مقتل المئات خلال الأسابيع الأخيرة، كثير منهم من الأطفال، ما فاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر.
وحذرت تقارير دولية من أن معدلات المجاعة بين الأطفال بلغت ذروتها خلال شهر يونيو، في وقت يعمل فيه 17 فقط من أصل 36 مستشفى، و63 من أصل 170 مركز رعاية صحية أولية، جميعها بشكل جزئي، رغم تدفق أعداد كبيرة من الجرحى يوميًا. ووفق ذات التقارير، فإن خمسة أطفال حديثي الولادة يتشاركون في بعض المستشفيات حاضنة واحدة، في ظل نفاد 70% من الأدوية الأساسية.
وفي مشاهد مروعة وثقتها منظمات حقوقية وأممية، يُقتل المدنيون، ومن بينهم الأطفال، أثناء اصطفافهم للحصول على الغذاء. فقد سجل مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل 798 مدنيًا فلسطينيًا، من بينهم نساء وأطفال، في الفترة ما بين 27 مايو و7 يوليو، أثناء بحثهم عن الطعام عند مواقع توزيع المساعدات أو بالقرب من القوافل الإنسانية.
ويشير مراقبون إلى أن قطاع غزة يشهد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث "كل الطرق تؤدي إلى الموت"، في ظل انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية، وغياب الحماية الدولية، وتصاعد عمليات القصف والتهجير والتجويع الممنهج.
ووفق تقارير موثقة، فقد قُتل أكثر من 17,000 طفل، وأُصيب نحو 33,000 آخرين خلال 21 شهرًا من الحرب، بمعدل 28 طفلًا يوميًا، أي ما يعادل صفًا دراسيًا يُباد يوميًا، في ما وصفه نشطاء ومراقبون بـ"جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".
وطالبت أصوات دولية وفلسطينية بتوفير ممرات إنسانية آمنة ومستدامة عبر جميع المعابر، وضرورة استئناف قنوات المساعدات بقيادة الأمم المتحدة، ووقف استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط أو ضمن استراتيجيات عسكرية، في سابقة تهدد مستقبل العمل الإنساني عالميًا.
وشدد الكاتب الفلسطيني سري القدوة، في مقال له، على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية، ووقف ما وصفه بـ"الإجرام المنظم" الذي تمارسه حكومة الاحتلال، داعيًا إلى مواجهة الرواية الإسرائيلية، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه، ورفض أي مشاريع تهجير أو إعادة نفي تحت غطاء الحرب.