
حذّرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية من تصاعد خطير في وتيرة النشاطات الجهادية بمنطقة الساحل، في ظل فقدان متزايد لسيطرة الحكومات على مساحات واسعة من أراضيها، وتكبد الجيوش النظامية خسائر فادحة، في وقت يدفع فيه المدنيون ثمن صراع لا يملكون فيه قرارًا ولا مصلحة.
وفي تحليل للكاتب جان مارك غونين، اعتبرت الصحيفة أن التدهور الأمني المتسارع جاء بعد توقف عملية "برخان" الفرنسية في نوفمبر 2022، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون، عقب ضغوط مارستها المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وأدى انسحاب القوات الفرنسية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى خلق فراغ أمني استغلته جماعات مسلحة، في مقدمتها "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة، و"تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى".
وأشارت الصحيفة إلى أن الجماعتين كثّفتا هجماتهما، التي تجاوزت الحدود لتطال دولًا مجاورة مثل بنين، بينما شهدت مالي في الأشهر الأخيرة هجومًا منسقًا استهدف سبع بلدات من بينها كايس ونيورو قرب الحدود مع موريتانيا والسنغال، ما يعكس تطورًا لافتًا في قدرة "نصرة الإسلام والمسلمين" على التخطيط والتنسيق، بقيادة إياد أغ غالي.
وتسعى الجماعة، بحسب التقرير، إلى السيطرة على المراكز الحضرية الحيوية والطرق الاستراتيجية التي تربط مالي بالدول الساحلية، لما لها من دور محوري في الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية.
ورغم استعادة الجيش المالي لمدينة كايس، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة استحوذت على كميات كبيرة من الأسلحة خلال الهجوم، واستخدمت في عملياتها الأخيرة آليات مدرعة وطائرات مسيّرة.
وقال باكاري سامبي، المدير الإقليمي لمعهد تمبكتو، إن الجماعة تستغل التحديات اللوجستية والجغرافية التي تواجه الجيش المالي، مع تركيز الحكومة على تأمين العاصمة باماكو، لتعطيل خطوط الإمداد والاتصالات، وترسيخ وجودها في مناطق عدة.
ويضيف التقرير أن الجماعة تعزز نفوذها من خلال استغلال الأزمات الاقتصادية والبيئية، إلى جانب التوترات العرقية، خاصة بين المجتمعات الزراعية والرعوية كالفولان، حيث تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق هذه الفئة، ما ساعدها على استقطاب شباب عاطلين عن العمل مقابل وعود بالاستقرار والدخل.
في المقابل، تُتهم ميليشيات موالية للحكومات، مثل "متطوعو الدفاع عن الوطن" التي أُنشئت عام 2020، بارتكاب انتهاكات واسعة بحق الفولان، أبرزها مجزرة سولينزو التي أودت بحياة 130 شخصًا، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
وفي ردٍّ على تلك الانتهاكات، نفذت جماعة "أنصار الشريعة الإسلامية" هجومًا على معسكر دياباغا، أسفر عن مقتل نحو 30 جنديًا ومتطوعًا من الفولان، معلنة أن الهجوم جاء "انتقامًا لسولينزو"، في مؤشر على احتمالات تصاعد دائرة العنف والانتقام في المنطقة.